كيفية التعامل مع المراهق في ضوء المنهج الإسلامي
إعداد الطالبة: فاتن العتيبي
إشراف الدكتور: عبد المحسن السيف
المقدمة:
إن من أهم المصادر الأساسية لفهم الطبيعة
البشرية هي نصوص القرآن والسنة، وقد تناولت هذه المصادر جميع مراحل وأطوار الإنسان
بالرعاية والتوجيه ومراعاة مطالب الفطرة المرتكزة فيه، مع ضبطها وتوجيهها في
مسارها الصحيح، ومن هذه المراحل مرحلة المراهقة، تلك المرحلة الحرجة من عمر
الإنسان التي يطرأ عليها كثير من التغيرات والتحولات الجسدية والنفسية والعقلية،
وهي أيضاً مفترق طريق خطير وحساس يتأثر بما يحيط به من مؤثرات وأجواء.
ولهذا يحتاج الآباء والمربون لكي يؤدوا
دورهم التربوي والإشرافي في هذه المرحلة إلى الاسترشاد ببعض الأسس والمبادئ لفهم
طبيعة هذه المرحلة، ويلزم أيضاً أن يكونوا على بصيرة ودراية بالأساليب والوسائل
الشرعية في التعامل ومعالجة المشكلات والتغيرات المصاحبة لمرحلة المراهقة، إذ
المنهج الإسلامي هو أعظم وأرقى أسلوب تعامل يصلح مع هذه المرحلة الحرجة والحساسة
في حياة البشر. ومن هنا جاءت الشريعة
الإسلامية بأحكام غاية في الحكمة للوقاية من خطرها قبل وقوعها.
أولاً: فترة تهيئة المراهق
ولتحقيق واجبات النمو
التي حددها العلماء، وحاجات المراهق في هذه المرحلة، على الأهل تهيئة ابنهم
المراهق لدخول هذه المرحلة، وتجاوزها دون مشاكل، ويمكن أن يتم ذلك بخطوات كثيرة،
منها:
1ـ إعلام المراهق أنه
ينتقل من مرحلة إلى أخرى، فهو يخرج من مرحلة الطفولة إلى مرحلة جديدة، تعني أنه
كبر وأصبح مسؤولاً عن تصرفاته، وأنها تسمى مرحلة التكليف؛ لأن الإنسان يصبح
محاسباً من قبل الله تعالى؛ لأنه وصل إلى النضج العقلي والنفسي الذي يجعله قادراً
على تحمل نتيجة أفعاله واختياراته. وأنه مثلما زادت مسؤولياته فقد زادت حقوقه،
وأصبح عضواً كاملاً في الأسرة يشارك في القرارات، ويؤخذ رأيه، وتوكل له مهام
يؤديها للثقة فيه وفي قدراته.
2ـ أن هناك تغيرات
جسدية، وعاطفية، وعقلية، واجتماعية تحدث في نفسيته وفي بنائه، فهو لم يعد طفلاً
يلعب ويلهو، بل أصبح له دور في الحياة، لذا فإن إحساسه العاطفي نحو الجنس الآخر أو
شعوره بالرغبة يجب أن يوظف لأداء هذا الدور، فالمشاعر العاطفية والجنسية ليست
شيئاً وضيعاً أو مستقذراً؛ لأن له دوراً هاماً في إعمار الأرض وتحقيق مراد الله في
خلافة الإنسان. ولذا فهي مشاعر سامية إذا أحسن توظيفها في هذا الاتجاه، لذا يجب أن
يعظم الإنسان منها ويوجهها الاتجاه الصحيح لسمو الغاية التي وضعها الله في الإنسان
من أجلها، لذا فنحن عندما نقول: إن هذه العواطف والمشاعر لها طريقها الشرعي من
خلال الزواج، فنحن نحدد الجهة الصحيحة لتفريغها وتوجيهها.
3ـ أن يعلم المراهق
الأحكام الشرعية الخاصة بالصيام والصلاة والطهارة والاغتسال، ويكون ذلك مدخلاً
لإعطائه الفرصة للتساؤل حول أي شيء يدور حول هذه المسألة، حتى لا يضطر لأن يستقي
معلوماته من جهات خارجية يمكن أن تضره أو ترشده إلى خطأ أو حرام.
4ـ التفريق
بين الأولاد في المضاجع عند النوم عند بلوغهم سن العاشرة.
5ـ تعليم الولد منذ
أن يميز الأحكام الشرعية التي ترتبط بميله الغريزي، ونضجه الجنسي، والذكر والأنثى
في هذا التعليم سواء لكونهما مكلفين شرعاً، ومسؤولين عن عملهما أمام الله عز وجل،
وأمام المربين، وأمام المجتمع.
ثانياً:
التعامل مع المراهق من الناحية التعبدية
1ـ تحفيظ الطفل
القرآن في أوائل عمره.
2ـ تعليمه الصلاة في
سن السابعة، وضربه على تفريطه فيها في سن العاشرة.
3ـ اتخاذ المنهج
التربوي الإيماني كأسلوب للتوجيه، فيربط المربي التوجيهات والأوامر التعبدية بالله
تعالى، وأن الأمر ليس مرتبطاً بما يريد الأب والمجتمع، بل هو قائم على ما يريده
الله ويرضاه، مع مراعاة أن يكون توجيهه للأمور التعبدية عفوياً بطرائق غير مباشرة،
إذ إن المراهق يأنف أسلوب الأمر المباشر، ولأن هذه المرحلة تمتاز بالعناد الظاهر.
ثالثاً:
التعامل مع المراهق بشكل عام
هناك مجموعة من الأساليب دلت عليها تعاليم
الشرع أو الفطرة السليمة، وأثبت الواقع والتجربة صلاحيتها وفائدتها مع الأبناء
عموماً، والمراهقين منهم على وجه الخصوص، ومنها :
1ـ
الرفق واللِّين والرحمة :
في القرآن: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ …}.
في القرآن: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ …}.
وفي الحديث: (ما وُضِعَ الرِفقُ في شيٍ إلاّ
زانه، وما نُزِعَ عن شئٍ إلاّ شانه).
ومن مظاهر الرحمة
المطلوبة: لمسة الرأس، فرك الشعر، لمسة اليد .. الخ. وكذا إظهار العطف عند المرض،
وإظهار المؤازرة في المواقف الصعبة.
2ـ التواضع له :
ويكون ذلك ذا أثرٍ كبيرٍ، لأنهم في هذه المرحلة يثورون لأقل شيء، ويتوقعون تسلُّطاً وإساءة في المعاملة، فلو رأوا تواضعاً من الكبار لأدى ذلك إلى استجابة سريعة. سُئل الفُضيل بن عياض ـ رحمه الله تعالى ـ عن التواضع ، فقال: " يخضعُ للحقِ ، وينقادُ له، ويقبله مِمَّن قاله، ولو سمعه من صبيٍ قبِلَه، ولو سمِعه مِن أجهل الناسِ قبِلَه ".
ومن وجوه ذلك التواضع : الجلوس معهم، والتحاور، وإحسان الاستماع والإنصات إليهم وتقبُّل كلامهم وآرائهم واستحسانها.
كل ذلك يتم بطريقة هادئةٍ طبيعية لا تكلُّف فيها، ليشعر فيها الشاب بقيمته لدى من يجلس إليه ويتحدث، فيطمئن، لاسيما إن رأى منه حرصاً على فهمه ومعرفة ما لديه من آراء أو مشكلات، كأن يجلس معه في موضع مناسب زماناً ومكاناً، ويدنو منه، ويعطيه الفرصة ليعبِّر عمَّا لديه، ولا يترصَّد زلاّته وأخطائه ليحصيها عليه، بل يتغاضى، ويهتم حتى للإشارات الجسمية، ويبتعد عن المقاطعة. وقد يوجِّه بعض الأسئلة الاستفهامية بغرض مزيدٍ من التوضيح والبيان.
ويكون ذلك ذا أثرٍ كبيرٍ، لأنهم في هذه المرحلة يثورون لأقل شيء، ويتوقعون تسلُّطاً وإساءة في المعاملة، فلو رأوا تواضعاً من الكبار لأدى ذلك إلى استجابة سريعة. سُئل الفُضيل بن عياض ـ رحمه الله تعالى ـ عن التواضع ، فقال: " يخضعُ للحقِ ، وينقادُ له، ويقبله مِمَّن قاله، ولو سمعه من صبيٍ قبِلَه، ولو سمِعه مِن أجهل الناسِ قبِلَه ".
ومن وجوه ذلك التواضع : الجلوس معهم، والتحاور، وإحسان الاستماع والإنصات إليهم وتقبُّل كلامهم وآرائهم واستحسانها.
كل ذلك يتم بطريقة هادئةٍ طبيعية لا تكلُّف فيها، ليشعر فيها الشاب بقيمته لدى من يجلس إليه ويتحدث، فيطمئن، لاسيما إن رأى منه حرصاً على فهمه ومعرفة ما لديه من آراء أو مشكلات، كأن يجلس معه في موضع مناسب زماناً ومكاناً، ويدنو منه، ويعطيه الفرصة ليعبِّر عمَّا لديه، ولا يترصَّد زلاّته وأخطائه ليحصيها عليه، بل يتغاضى، ويهتم حتى للإشارات الجسمية، ويبتعد عن المقاطعة. وقد يوجِّه بعض الأسئلة الاستفهامية بغرض مزيدٍ من التوضيح والبيان.
3ـ عبَر له عن حبك:
بلغه أنك تحبُّه، وعبِّر له عن حبك بالهدية والسلام، واحترامك وإكرامك
لأصدقائه، والدعاء للابن في ظهر الغيب، أو حتى في وجوده، والثناء عليه في غيابه،
وإعطائه كُنية يحبها، وإخبارك بحبه له مباشرة.
4ـ ساعده على الفطام
النفسي:
بإشعاره أنه أصبح رجلاً، وأنه أصبح مسؤولاً أمام
الله والمجتمع عن تصرفاته، وأعْطِه شيئًا من الاستقلاليَّة والاعتماد على الذات.
5ـ
التعامل مع مشكلاته:
أ- أن تُشعره بأنَّك مُتفَهِّم لمشاعره وأحاسيسه.
ب- ما هي الحلول الممكنة لحل المشكلة؟
ج- اختيار أفضل الحلول لحلِّ المشكلة.
د- السؤال والمتابعة.
هـ- الدعاء له بالتوفيق والنجاح.
6ـ
الحوار الهادئ الصبور:
تربية المراهق فلابد أن تعتمد
على آلية الحوار الهادئ الصبور، الحوار الذي يحترم استقلالية المراهق وتفكيره،
نتحاور معه كما نتحاور مع الإنسان الناضج، ونتعامل معه كذلك أيضا، ولا تهتز هذه المعاملة أبدا، حتى إن أخطأ المراهق
نبين له بالحوار الخطأ، ولنتأمل جيدا هذا الحديث الذي يؤكد أن الحوار هو المنهج
الإسلامي الصحيح في التعامل مع الشباب الصغير؛ فعن أبي أمامة قال: إن فتى شابا أتى
النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! ائذن لي بالزنا. فأقبل القوم
عليه فزجروه، وقالوا مه مه! فقال: ((ادنه)) فدنا منه قريبا. قال: فجلس. قال:
((أتحبه لأمك؟))... إلخ الحديث.
7ـ
الحزم اللطيف:
وهو أن يشعر المراهق بأنك حازم
معه مع إشعاره بأنك تحبه.
8ـ الدعاء له بالهداية والتوفيق:
قال سبحانه وتعالى: ﴿وَقَالَ
رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ (سورة غافر آية 60)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ﴿إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي
من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا خائبتين ﴾.
المراجع:
1ـ كيف تعامل الإسلام مع سن المراهقة، موقع الدكتورة هيام عباس
الحومي.
2ـ المراهقة: التعامل مع المرحلة وفق النظرية الإسلامية، موقع
المسلم.
3ـ المنهج الإسلامي في التعامل مع المراهقة، مدونة ثقافية تهتم
بقضايا الشباب والثقافة والعلوم والمستجدات في مجالات الحياة، بقلم عادل يوبي.
4ـ أصول التعامل مع المراهقين في الإسلام، أ.د. إسماعيل محمد حنفي
الحاج.
5ـ فن التعامل مع المراهقين، مقال بقلم جمال با مسعود، بتاريخ:
24/5/2011م، موقع الألوكة الاجتماعية.
6ـ ابنك
المراهق كيف تحتويه، مقال بقلم فاطمة عبد الرؤوف، شبكة النور.
7ـ
القواعد الذهبية للتعامل مع المراهق، مقال بقلم تهاني عبد الرحمن، بتاريخ 16/1/
1432ه، موقع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.
8ـ
كتاب تربية الأولاد في الإسلام، عبد الله ناصح علوان، الجزء الأول، ص550.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق