الخميس، 1 مايو 2014




 التربية الجنسية



إعداد الطالبة:

فاتن العتيبي



إشراف الدكتور:

 عبد المحسن السيف








المقدمة:

     لقد اهتم الإسلام بالتربية اهتماماً بالغاً ، والله عز وجل أرسل الرسل إلى البشرية لينقلوها من الظلمات إلى النور، ومن الجهل إلى العلم والمعرفة. ولأن التربية عملية ضرورية لكل من الفرد والمجتمع معاً،  فضروريتها للإنسان الفرد تكون للمحافظة على جنسه وتوجيه غرائزه، وتنظيم عواطفه، وتنمية ميوله، فالتربية إذن عملية ضرورية لمواجهة الحياة ومتطلباتها وتنظيم السلوكيات العامة في المجتمع من أجل العيش بين الجماعة بطريقة ملائمة. لذلك لا بد أن تستضيء التربية بنور الشريعة الإلهية وتسير وفق أحكامها. فالتربية في مفهومها الشامل يجب أن تكون متكاملة، فلا تعنى بناحية وتترك أخرى، وإنما تحاول تنمية جميع النواحي الجسمية، والنفسية والاجتماعية.

ويمتاز الإسلام بمراعاته للفطرة البشرية وقبوله بواقعها ومحاولة تهذيبها ورفعها لا كبتها وقمعها، قال تعالى: ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة). وأن من هذه الأمور الفطرية التي راعاها الإسلام هي الغريزة الجنسية، التي هدفها الحفاظ على السلالة البشرية، وما جاء الإسلام ليكبت الغريزة الجنسية، وإنما جاء ليضبطها، وينظمها، ويضع لها القواعد الصحيحة، ليحيا الناس في استقرار وأمان بعيداً عن الرذيلة والسقوط، لذلك كانت الحاجة إلى التربية الجنسية جزءاً مهماً في حياتنا.

_ من خلال هذا المنطلق نتعرف على مفهوم التربية الجنسية وما يتعلق بها من مبادئ وأساليب.

أولاً: مفهوم التربية الجنسية:

أـ معنى التربية: رعاية المربي وتهذيبه وتوجيهه، وتنمية قدراته وتدبيره والمحافظة عليه، وملازمته بهدف إصلاحه.

ب ـ معنى الجنس: تميز في النوع ذو العلاقة بالتوالد، يقسم إلى جنسين: ذكر وأنثى.

_ مفهوم التربية الجنسية: هي مجموعة المفاهيم والمبادئ والقواعد، المتعلقة بالغريزة الجنسية، المبنية على أساس الكتاب والسنة، من أجل تبصرة الفرد بالطرق السليمة والمشروعة لتصريف طاقته الجنسية، وضبط السلوك الجنسي لدى الفرد والجماعة ومدهم بكافة التدابير والوسائل التي تقيهم الوقوع في شرك الانحرافات الجنسية، وتنمي فيهم السلوك الجنسي السوي.

ثانياً: أهمية التربية الجنسية:

     تعد التربية الجنسية من الموضوعات المهمة، حيث أنها تنبع من مدى الارتباط الوثيق بين العامل الجنسي في حياتنا وبين العوامل النفسية الأخرى، والاجتماعية والسلوكية، حيث أن مسألة التربية الجنسية ضرورة قصوى لأنها تحقق أمرين، وهما:

1ـ وعي الأسرة بأهمية التربية الجنسية عند الإجابة للوالدين أو أحدهما عن أول سؤال يتبادر إلى ذهن الطفل يكون عن كيفية مجيئه إلى هذه الحياة وهو تساؤل طبيعي وضروري.

2ـ وعي المؤسسات التعليمية – المدرسة – ووسائل الإعلام بالناحية الجنسية الأمر الذي يجعلها أكثر موضوعية وإيجابية عند عرضها للجوانب الجنسية في حياة الإنسان.


1

ثالثاً: أهداف التربية الجنسية:

     إن الهدف الأساسي للتربية الجنسية هو الإسهام في بناء الشخصية السوية خلقياً واجتماعياً وعقلياً وجسمياً وشعورياً وفق منهج الله تعالى، والتربية الجنسية في الإسلام لها أهداف عديدة نذكر منها ما يلي:

1ـ إدراك الآباء والأبناء والمربين مفهوم التربية الجنسية و أهميتها، ودورها في توجيه السلوك الإنساني وتفسيره دون مبالغة أو تفريط.

2ـ إدراك خطورة الأفكار الغربية على مجتمعنا، والتي تفسر السلوك الإنساني كله على أساس الجنس، والغريزة الجنسية، والجري خلف الشهوات.

3ـ إبعاد الأبناء عن أخطار السقوط في الرذيلة والفاحشة.

4ـ تحديد مسؤوليات الآباء تجاه الحياة الجنسية للأبناء، وما ينتج عنها من مشكلات.

5ـ استيعاب الحقائق والمعلومات المتصلة بالجنس في مرحلة المراهقة، كالبلوغ، والاحتلام، والعادة الشهرية، ومساعدة الأبناء على حل مشكلات هذه المرحلة التي يمر بها الجنسان.

6ـ القدرة على تهيئة جو الحوار والمناقشة مع الأبناء، وتشجيعهم على طرح الأسئلة، ومصارحتهم من خلال الإجابة عنها، وإعدادهم لاستقبال مرحلة البلوغ.

7ـ إزالة المخاوف والقلق بشأن النمو الجنسي الشخصي والتعديلات المرافقة له.

رابعاً: خصائص التربية الجنسية في الإسلام:

1ـ تختص التربية الجنسية في الإسلام بالتوازن في عرض مفهوم التربية الجنسية، وفي تطبيقه الواقعي، وعدم إغفال جوانب التربية الجنسية، أو كبتها، وقد جاء في الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم إذا رأت الماء.

2ـ وفي لغة الخطاب الخاص بالتربية الجنسية في الإسلام، فهي تربية واقعية لا تخدش الحياء، وتكتفي بالتعريض دون التصريح، كقوله تعالى: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ ) (النساء: 43).

3ـ أن مرجعية التربية الجنسية في الإسلام إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله، خلافاً للتربية الجنسية التي تعتمد على آراء المفكرين ونظرياتهم.

4ـ أنها تربية شاملة، تستوعب جوانب التربية الجنسية من جميع اتجاهاتها ومناحيها، ولا تركز على مجرد العلاقة بين الرجل والمرأة.

5ـ أنها تربية مستمرة، تبدأ مع الإنسان منذ ولادته وحتى وفاته.

6ـ عناية الإسلام بالجانب الوقائي في التربية الجنسية، كمنع الاختلاط وغض البصر.

7ـ معالجة الانحرافات الجنسية بالعقوبات الشرعية المناسبة.

2

8ـ تختص التربية الجنسية في الإسلام بالدعوة إلى الاستعفاف والطهر.

9ـ تختص التربية الجنسية في الإسلام بالمسؤولية الاجتماعية، كما قال تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) ) (النور: 19).

10ـ تختص التربية الجنسية في الإسلام بالاعتدال في الإشباع السوي للغريزة الجنسية، بعيداً عن الرهبانية المذمومة، أو الإباحية الممقوتة.

11ـ تختص التربية الجنسية في الإسلام بموافقتها للفطرة، وتوجيهها الإنسان إلى الاستمتاع بمباهج الحياة ومسراتها وفق شرع الله.

خامساً: مبادئ التربية الجنسية:

أولاً : مبادئ التربية الجنسية في مرحلة الحضانة:

     وهي تبدأ من نهاية السنة الثانية وتستمر إلى السنة السابعة، ويكون الطفل في هذه المرحلة قد اتسعت مداركه واكتسب كثيراً من الخبرات وقد بدأ في تعلم اللغة، وتقليد من يحيطون به، وهي مرحلة بالغة الأهمية في مستقبل الطفل، لأن فيها يبدأ باكتساب الاتجاهات، ويتعرف على القيم السائدة في بيئته، وينصاع لها، ويدرك في تلك المرحلة وجود الله وفكرة العبادة (الصلاة) فكرة مجملة.

     وقد وضع الإسلام مبادئ التربية الجنسية في هذه المرحلة تغرس في شعور الطفل مفاهيم سليمة حيال الجنس، وسنعرض من تلك المبادئ ما يلي:

*    تنمية الوازع الديني لدى الطفل.

*    الحياء.

أ ـ  تنمية الوازع الديني لدى الطفل:

1ـ غرس الإيمان بالله وقدرته المعجزة وإبداعه الرائع في شعور الطفل، وأن الله فوق عرشه يسمعنا ويرانا وهو معنا أينما كنا بعلمه سبحانه وتعالى.

2ـ غرس روح مراقبة الله تعالى في كل تصرفات الطفل وذلك بترويضه على أن الله سبحانه وتعالى يراقبه ويراه وهو معنا يعلم سرنا ونجوانا وما تخفي صدورنا.

3ـ تعليم الطفل تلاوة القرآن الكريم، وذلك في سن الخامسة أو السادسة حسب قدرات الطفل ويمكن شرح بعض الآيات في حدود إمكانية فهم الطفل.

ب ـ  الحياء:

1ـ تعويد الطفل على الملابس الساترة ونهيه إذا تعرى من ملابسه، وإشعاره أن ذلك التصرف يجب أن يستحى منه.

2ـ غرس مفهوم العيب والقبح في شعور الطفل بتكرار كلمة "عيب" أو " قبيح" عندما يعمل عملاً موجباً لذلك، فيرتبط العمل المشين مع كلمة "عيب" أو "قبيح" حتى يدرك معناها.

3

3ـ الطفل في هذه المرحلة يقلد والديه وإخوانه لذا يجب عليهم عدم الخروج أمام الطفل إلا مستترين.

4ـ أن للغة علاقة وثيقة في اكتساب الحياء، وخاصة بعض الألفاظ التي تتعلق بالمناطق الجنسية، فيجب على الآباء استعمال الكناية في الألفاظ، وعدم استخدام الألفاظ الفاحشة البذيئة، لأن اللغة تؤثر تأثيراً بالغاً في سلوكه.

5ـ تعويد الأطفال من نهاية مرحلة الحضانة وبداية سن التمييز على عدم الاختلاط بين الجنسين، بحيث أن يلعب مع جنسه، حتى يرتبط ذلك في شعوره بالحياء.

6ـ يجب على الوالدين عدم تعرية البنت أمام أخيها أو العكس، بل يجب أن يتعود الطفل على أن يغلق باب الغرفة عليه حينما يشرع في استبدال ملابسه، حتى ينمو الحياء لدى الطفل.

ثانياً: مبادئ التربية الجنسية في مرحلة التمييز:

     تبدأ مرحلة التمييز من السنة السابعة حتى منتصف السنة العاشرة، والتي يبدأ فيها تكليف الطفل ببعض التكاليف الشرعية مثل الأمر بالصلاة في بداية مرحلة التمييز، وفي نهايتها يضرب على ترك الصلاة لأنه قد ميز وعرف. وقد وضع الإسلام مبادئ التربية الجنسية في هذه المرحلة ومن هذه المبادئ ما يلي:

*    التفريق في المضاجع.

*    تأهيل الطفل لدوره الجنسي.

أ ـ التفريق في المضاجع:

1ـ يجب على الوالدين تفريق أولادهم في أماكن النوم وتغيير الملابس.

2ـ تحذير أبنائهم وبناتهم من اللعب في هذا السن مع الأولاد الغرباء.

3ـ على المربين نصح التلاميذ وتحذيرهم من خطورة الاختلاط بين الجنسين سواء في العمل أو غيره.

ب ـ تأهيل الطفل لدوره الجنسي:

     المقصود من تأهيل الطفل لدوره الجنسي هو أن يكون الذكور متمايزين عن الإناث، والإناث متمايزات عن الذكور، ابتداء من أسلوب المشي إلى التفكير والسلوك، أي أنه سلوك نموذجي قائم على التقليد والمحاكاة، فالولد الصغير يتدرب على طرق السلوك التي تعلم أنها مميزة للرجال، والبنت الصغيرة تقوم بأشياء تعلمت أنها من شأن النساء. فمن التطبيقات التربوية المتخذة على ما ذكر من مسألة التأهيل ما يلي:

1ـ على الوالدين اختيار الملابس والألعاب المناسبة لجنس الطفل.

2ـ على الوالدين والمربين تأهيل كل طفل لدوره الجنسي بتنمية الفروق بين الجنسين، فيربى الولد على الرجولة والخشونة ويبعد عن الميوعة وتقليد النساء، وتربى البنت على الأنوثة وتبعد عن تقليد الرجال.

4

ثالثاً: مبادئ التربية الجنسية في مرحلة البلوغ والمراهقة:

     وهذه المرحلة أهم مراحل العمر التي يمر بها الإنسان حيث يترتب على بلوغ هذه المرحلة جريان قلم التكليف عليه. و يجدر بنا أن نشير إلى أهم التطبيقات والمبادئ التربوية التي من الضروري أن يقوم المربون بتطبيقها على الأولاد في هذه المرحلة المهمة، ومن هذه المبادئ ما يلي:

*    غض البصر.

*    الحجاب، والنهي عن التبرج.

*    النهي عن الخلوة مع الأجنبي والاختلاط.

*    النهي عن نشر الفاحشة (القذف).

أ ـ غض البصر:

1ـ بيان الحكم الشرعي في النظر إلى ما حرم الله تعالى، وتعريف التلاميذ بآداب النظر.

2ـ بيان أضرار إطلاق النظر وتوعية التلاميذ من الجنسين بأخطار إطلاق النظر فيما حرم الله، وبيان أهداف أعداء الإسلام من نشر الصور عبر وسائل الإعلام، مما يثير الغريزة لديهم.

3ـ بيان فوائد غض البصر، من ذلك: أنه يورث في القلب نوراً.

4ـ أن المربي قدوة لتلميذه فعليه الالتزام بآداب النظر.

ب ـ الحجاب والنهي عن التبرج:

1ـ بيان مشروعية الحجاب بعرض الآيات الكريمة التي تأمر نساء المسلمين بالحجاب.

2ـ بيان أحكام الحجاب وصفة الحجاب الشرعي، وعرض الأحاديث التي يتبين من خلالها صفة الحجاب وشروطه.

3ـ بيان فوائد الحجاب من ذلك يسد باب الزنا، وصيانة للمرأة أن تهان كرامتها وشرفها.

4ـ يجب على الآباء إلزام زوجاتهم بالحجاب، وتعويد بناتهم منذ الصغر، وهذا من الغيرة التي حث الإسلام عليها.

5ـ النهي عن التبرج وبيان الحكمة من تحريمه، وذلك محافظة على كرامة المرأة أن تهان من الرجال، ويمكن للمربين مناقشة ذلك وكيف أن الإسلام حافظ على كرامة المرأة، وأن دعاة تحرير المرأة يدعونها للانحراف والدخول في الذل وليس إلى الحرية كما يدعون.

6ـ بيان حكم الخضوع في القول عند محادثة الرجال الأجانب وبيان أضرار ذلك، وربط ذلك بمخاطر المعاكسات الهاتفية وحكم الشرع فيها.

7ـ أن المعلمة يجب أن تكون قدوة لطالباتها فعليها الالتزام بآداب الإسلام.


5

ج ـ النهي عن الخلوة مع الأجنبي وعن الاختلاط:

1ـ بيان أخطار الاختلاط ويمكن عرض تجربة غير المسلمين في هذا الجانب، وإيضاح المفاسد التي حدثت من جراء الاختلاط وأثره في هدم المجتمعات بشيوع الفاحشة فيها.

2ـ توضيح حكم الخلوة مع الأجنبي، بعرض الحكم الشرعي من خلال الأحاديث النبوية الشريفة، وإقناعهم بحكمة هذا التحريم ومن ثم إلزامهم بإتباع حكم الله.

3ـ يجب على الآباء نهي أولادهم عن الاختلاط مع البنات، وكذلك العكس، وهذه من الغيرة التي حث عليها الإسلام.

د ـ النهي عن إشاعة الفاحشة:

1ـ على المربين تعريف النشء بحكم الإسلام في نشر أخبار الفاحشة ويشمل ذلك جانب القذف، وتتبع عورات الناس، وبيان مخاطر ذلك.

2ـ على المربي مناقشة الإشاعات التي تنتشر في المجتمع وتحمل في طياتها أخبار الفاحشة ونصح النشء بعدم الإصغاء إليها أو نقلها إلى الغير.

3ـ عرض الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على التستر  وتنهى عن إشاعة الفاحشة ومناقشتها مع التلاميذ حتى تنغرس عقيدة تحريم ذلك في قلوبهم.

سادساً: الأساليب التربوية للتربية الجنسية:

     أن التربية الجنسية بحاجة إلى أساليب متنوعة لتوضيحها، وأن تكون مستمدة من القرآن والسنة، وسوف نوضح هنا بعض هذه الأساليب على النحو التالي:

1ـ أسلوب القصة:

     تتأتى المتعة في قراءة القصة القرآنية من كونها فريدة الوقائع موجزة الأحداث، مجسمة العبرة، معجزة في لغتها، مشرقة في أسلوبها. ولقد اهتم القرآن الكريم بالقصة وعرض العديد من القصص التي من خلالها وضح لنا الأسلوب التربوي في عرض القضايا التي تهتم بالتربية الجنسية والتي منها:

أ ـ قصة سيدنا يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز:

     قال تعالى: ( وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) ) (يوسف:23ـ 25).

في هذه الآيات الكريمة تظهر العفة الجنسية والاستعفاف لدى سيدنا يوسف عليه السلام.


6

ب ـ قصة قوم لوط:

     وضحت الآيات القرآنية من خلال عرض قصة قوم لوط مدى الانحراف والشذوذ الجنسي الذي كان يسيطر عليهم، قال تعالى: ( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) ) (الأعراف: 80 ـ 81 ).

2ـ أسلوب القدوة:

     قال تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (٩٠( ) (الأنعام: 90)

     إن التربية بالقدوة: قدوة الأبوين.. قدوة الرفقة الصالحة.. قدوة المعلم.. قدوة الأخ الأكبر.. هذه التربية من أعظم العوامل المؤثرة في إصلاح الولد وهوايته وإعداده لعضوية المجتمع والحياة.

3ـ أسلوب ضرب الأمثال:

     هناك العديد من الأمثلة القرآنية والنبوية التي تشكل دوافع تحرك العواطف والوجدان فيدفع الإنسان إلى عمل الخيرات واجتناب المنكرات، وبهذا تسهم الأمثال في تربية الإنسان على السلوك الخير وتهذيب نزعاته الشريرة فتستقيم حياة الأفراد والمجتمعات.

     ولقد استخدم القرآن الكريم أسلوب ضرب الأمثال موضحاً مثال العفة والطهارة والنقاء والبعد عن كل ما حرمه الله عز وجل، حيث قال تعالى : ( وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) ) (التحريم:12).

4ـ أسلوب الحوار:

     أن الحوار من الأساليب عظيمة الفائدة، وقد اتبعه الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث: (أَنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "يَا رَسُول اللَّه اِئْذَنْ لِي بِالزِّنَا"، فَأَقْبَلَ الْقَوْم عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: "مَهْ مَهْ"، فَقَالَ: «ادْنُهْ»، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا فَقَالَ: «اِجْلِسْ»، فَجَلَسَ فَقَالَ: «أَتُحِبُّهُ لِأُمِّك؟» ، قَالَ: "لَا وَاَللَّه, جَعَلَنِي اللَّه فِدَاك"، قَالَ: «وَلَا النَّاس يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ» ، قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِك؟» ، قَالَ: "لَا وَاَللَّه يَا رَسُول اللَّه جَعَلَنِي اللَّه فِدَاك"، قَالَ: «وَلَا النَّاس يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ» ، قَالَ «أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِك»، قَالَ "لَا وَاَللَّه, جَعَلَنِي اللَّه فِدَاك"، قَالَ: «وَلَا النَّاس يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ» ، قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِك؟» ، قَالَ: "لَا وَاَللَّه", جَعَلَنِي اللَّه فِدَاك قَالَ: «وَلَا النَّاس يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ»، قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِك؟» ، قَالَ: "لَا وَاَللَّه، جَعَلَنِي اللَّه فِدَاك"، قَالَ: «وَلَا النَّاس يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ» ، قَالَ فَوَضَعَ يَده عَلَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اِغْفِرْ ذَنْبه وَطَهِّرْ قَلْبه وَأَحْصِنْ فَرْجه»، قَالَ فَلَمْ يَكُنْ بَعْد ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِت إِلَى شَيْء ).

5ـ أسلوب الوعظ والنصح:

     أن التربية الجنسية تتخذ من الوعظ والنصح طريقة، تطهر بها الفرد من كل شوائب وأدران الرذيلة، وتحفظه نقياً نظيفاً، إضافة إلى مفاهيم وتعاليم التربية الجنسية، التي يمكن توصيلها بطريقة الوعظ والنصح.


7

     ووضح لنا القرآن الكريم الكثير من الآيات المتعلقة بالتربية الجنسية، قال تعالى: ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) ) (البقرة:222)

وقال صلى الله عليه وسلم: ( من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة ).


الخاتمة:

     شئنا أم أبينا هناك تحديات واضحة في مجتمعنا، الأسرة لها دور في معالجتها، والمدرسة لها دور أساسي في طرحها ومناقشتها، والإعلام وأجهزته المختلفة لابد أن يسهم في تصويب الصورة المشوهة للحياة الجنسية عند الإنسان.

وأود أن اختم بهذه الجملة .. الجنس فطرة سوية.. شوهتها مواقع إباحية.. وعلاجها في التربية الجنسية

اسأل الله جل وعلى أن يوفقنا لما يحب ويرضى أنه ولي ذلك والقادر عليه .. وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..


المراجع:

1ـ مبادئ التربية الجنسية المستنبطة من القرآن والسنة. رسالة ماجستير للطالب/ خالد محمد التويم، جامعة أم القرى.

2ـ مدى تضمن كتب التربية الإسلامية للمرحلة الثانوية لموضوعات التربية الجنسية في ضوء التصور الإسلامي لها.

 رسالة ماجستير للباحثة/ أسمهان عطوة، الجامعة الإسلامية_ غزة.

3ـ التربية الجنسية للأطفال حق لهم.. واجب علينا . د/ عبلة مرجان.

4ـ اتجاهات الوالدين نحو تدريس مفاهيم التربية الجنسية في مرحلة التعليم الأساسي. بحث محكم د/ منى كشيك ، جامعة دمشق.

5ـ التربية الجنسية في ضوء القرآن والسنة. رسالة ماجستير للباحث/ فاروق عطية، جامعة غزة.






8

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق